منزل من عالم آخر ليس من عالمنا عالم الأرض ... لذلك إذا عشنا مع القرآن ندخل في عالمه ونخرج من عالمنا حقيقة ... فإذا تدبرناه وكأننا لا ندرك ما حولنا لأننا أصبحنا في عالمه.
وأذكِّر إخواني وأحبابي القراء الكرام بأن كتاب الله هو الكتاب الوحيد الذي سيكون معنا في الآخرة من الكتب التي كانت معنا في الدنيا:(يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها)(١).
وكلما حاولت أن أُشبع الموضوع من أكثر من جانب لا أستطيع فأعجز عجزًا شديدًا لأن كتاب الله لا تنتهي عجائبه، فالوقوف مع الآيات على ما يتطلب من علم له علاقة وطيدة بالفتح الرباني النابع من التأصيل الصحيح على منهج النبوة، وهناك أمور كثيرة في الوحي مهما درسناها وفكرنا فيها سيكون فيها جانب خفي عنا، وهذا من خصائص شريعتنا السمحة.
وكما تجدون أن المفسرين في أحايين كثيرة يسرد أحدهم أكثر ممن سبقه في تفصيل الآيات، وهكذا، وكل هذا
(١) مسند الإمام أحمد، شعيب الأرناؤوط يرحمهما الله (١١/ ٤٤).