ب- أما في مجال الفلسفة الإسلامية فقد تواطأ كثير من المستشرقين على أكذوبة أن العقل العربي ليس من طبيعته التفلسف، أو حب الفلسفة؛ لأنه ساذج بطبعه يميل إلى الأخذ بالجزئيات، ولا يعرف التعامل مع القضايا العامة أو الكلية، صرح بذلك "رينان" في كتابه عن اللغات السامية، و"ديبور" في تاريخه للفلسفة الإسلامية، و"بينز" في كتابه عن "مذهب الذرة عند المسلمين".
يقول ديبور في مقدمة كتابه عن مصادر الفلسفة الإسلامية: لم يكن للعقل السامي قبل اتصاله بالفلسفة اليونانية في الفلسفة غير الأحاجي والأمثال والحكم، وكان هذا التفكير يقوم على نظرات في الإنسان ومصيره، وإذا عرض للعقل السامي ما يعجز عن إدراكه لم يشقَّ عليه أن يرده إلى إرادة لا تدرك مداها.
ج- ونفس الفكرة صرح بها رينان قبل ديبور، ولا شك أن هذا الحكم خاطئ من أساسه؛ لأنه يتنبأ فكرة مسبقة، وهي تفوُّق الجنس الآري على الجنس السامي، فالفلسفة الإسلامية ما دامت تنتمي إلى جنس سامي فهي ليست بأصلية، ولا تشتمل على عناصر جديدة؛ لأن الأصالة والجدة من خصائص الجنس الآري فقط كما يزعمون، وقد يكون هذا الحكم مدعاة إلى طرح سؤال مهم، وهو إذا كانت هذه الفلسفة ليس أصيلة ولا جديدة وخالية من عنصر الابتكار، فلماذا شغلتم أنفسكم بها إلى هذا الحد الكبير..؟ وإجابة ديبور على ذلك تطلعنا على قضية أهم وأخطر، حين تقرأ قوله: فإن هذا البحث له شأن عظيم؛ إذ يتيح لنا فرصة لمقارنة المدنية