والثالث: وعزاه ابن عبد البر لأكثر أئمة الحديث التفصيل، فمن كان لا يدلس إلا عن الثقات قبل ومن لا فلا قاله البزار، وبه أشعر قول ابن الصباغ وصرح به أبو الفتح الأزدي وأشار إليه أبو بكر الصيرفي في شرح الرسالة وجزم أبو حاتم بن حبان وابن عبد البر وغيرهما في حق سفيان بن عيينة وبالغ ابن حبان في ذلك حتى قال: إنه لا يوجد له تدليس قط إلا وجد بعينه قد بين سماعه فيه عن ثقة.
والرابع: إن كان وقوع التدليس منه نادراً قبلت عنعنته ونحوها وإلا فلا وهو مروي عن ابن المديني أفاده السخاوي.
(والمرتضى) أي القول المرضى من أقوال العلماء في التدليس مبتدأ خبره (قبولهم) من إضافة المصدر إلى فاعله، أي قبول العلماء حديث المدلسين، أو من إضافة المصدر إلى مفعوله أي قبول المدلسين في روايتهم (إن) شرطية (صرحوا) أي المدلسون فيما رووه (بالوصل) أي بكون ما رووه موصولاً بالسماع بأن قالوا: سمعت أو حدثنا أو أخبرنا أو نحوها (فالأكثر) من أئمة الحديث والفقه والأصول مبتدأ خبره الجملة بعده (هذا) القول مفعول مقدم لقوله (صححوا) أي صحح أكثر العلماء هذا القول المفصل.
وحاصل معنى البيت أن الصَّحِيح المرضي من الأقوال في المدلسين هو التفصيل فما صرحوا فيه بالسماع مقبول محتج به وما رووه بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل ونحوه، وعُزِيَ هذا التفصيل إِلى الشافعي وابن المديني وابن معين وآخرين.
وممن صحح هذا القول الخطيب وابن الصلاح ونفى ابن القطان الخلاف فيه وكذا ابن عبد البر لكن نفي الخلاف مُنَتقَد بما مر من الخلاف.