ثم ذكر رحمه الله مما يعرف به كون الحديث موضوعاً أموراً: أشار إلى الأول بقوله (والوضع فيه) أي الخبر، مبتدأ خبره جملة (عرفا) بالبناء للمفعول والألف للإطلاق (إِما) بالكسر: حرف تفصيل حذف نظيرها من المعطوفات (بالإقرار) متعلق بعرف، ونقلت حركة الهمزة إلى اللَّامِ، وحذفت للوزن، أي إقرار الواضع على نفسه أنه وضع الحديث الفلاني.
وحاصل المعنى: أنه يعرف الوضع بأمور: منها إقرار الواضع به كاعتراف ميسرة بن عبد ربه الفارسي بوضعه فضائل القرآن الآتي، وأبي عصمة نوح بن أبي مريم الملقب بالجامع على ابن عباس - رضي الله عنه - في فضائل القرآن سورة سورة، وكما روى البخاري في التاريخ الأوسط حدثني يَحْيَى بن الأشكري، عن علي بن حدير، قال سمعت عُمر بن صبح يقول أنا وضعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد استشكل ابن دقيق العيد رحمه الله الحكم بالوضع بإقرار من ادعى وضعه لأن فيه عملاً بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع قال وهذا كاف في رده لكن ليس بقاطع فى كونه موضوعاً لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه، قيل (١) وهذا ليس باستشكال منه إنما هو توضيح وبيان وهو أن الحكم بالوضع بالإقرار ليس بأمر قطعي موافق لما في نفس الأمر لجواز كذبه في الإقرار على حد ما تقدم أن المراد بالصَّحِيح والضَّعِيف ما هو الظاهر لا في نفس الأمر، ونحا البلقيني في محاسن الاصطلاح قريباً من ذلك قاله في التدريب.
ثم أشار إلى الثاني بقوله (و) إما بـ (ما يحكيه) أي يشابه الإقرار مما ينزل منزلته، قال في القاموس: يقال: حكيت فلاناً وحاكيته إذا شابهته اهـ.
وفي المصباح وحكى يحكي حكاية إذا أتى بمثل الشيء يائي، وفيه لغة أخرى، وهي حكا يحكو واوياً اهـ.