والمعنى: أن الضبط أن لايكون الرواي مغفلًا بأن لا يميز الصواب من الخطأ، كالنائم والساهي، إذ المتصف بالغفلة لا يحصل الركون إليه، ولا تميل النفس إلى الاعتماد عليه. وقوله (يحفظ) جملة حالية أي حال كونه حافظاً أي مُثْبِتاً ما سمعه في حافظته بحيث يبعد زواله عنها متمكناً من استحضاره متى شاء. وقوله (إن يمل) قيد في الحفظ أي إن رواه من حفظه، وهذا هو المسمى عندهم بضبط الصدر، وإِنْ في المواضع الثلاثة شرطية.
(كتاباً) مفعول لقوله (يضبط) بكسر الباء أي يحفظه ويصونه عن تطرق التزوير والتغيير إليه من حين سمع فيه إلى أن يؤدى منه. (إن يروى منه) أي الكتاب كما هو الغالب في الأزمان المتأخرة، وهذا هو المسمى عندهم بضبط الكتاب، قال بعضهم: ومن شرطه أن لا يُعِيَره لأحد، فإن أعاره فلا يجوز له أن يرويه بعده لاحتمال أن يغيره المستعير ويبدل، ما لم يعره لأمي، وما لم تكثر النسخ، وهذا الزمان لا يقال فيه ذلك لأن الكتب قد ضبطت. انتهى. ذكره الشارح. حال كونه (عالماً ما) أي اللفظ الذي (يسقط) بضم الياء من الاسقاط أي يحذفه من الحديث (إن يرو) الحديث (بالمعنى) بناء على جوازه وهو الصَّحِيح كما سيأتي.
وحاصل المعنى: أنه يشترط كون الراوي عالماً بما يحيل المعنى إن رواه بالمعنى بحيث يأمن من تغيير ما يرويه وسيأتي تمامه في بابه إن شاء الله تعالى.
ثم ذكر ما يعرف به كون الراوي ضابطاً بقوله (وضبطه) أي الراوي مبتدأ خبره قوله (عرف) بالبناء للمفعول أي علم (إن) شرطية (غالباً) أي في كثير من الأحوال (وافق) الراوي (من) موصولة مفعول وافق (به) أي الضبط (وصف) بالبناء للمفعول أي من اتصف بالضبط وإن خالفه نادرا.
وحاصل المعنى أن ضبط الراوي يعرف باعتبار ما يرويه بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان فإن وُجِدَ موافقاً لهم غالباً ولو من حيث