شرطية جوابها. قوله:(فهي كمن ناول) أي الكتابة المقرونة بالإجازة منزلة منزلة من نَاوَلَ كتابَهُ للطالب مع الاقتران بالإجازة كما أشار إليه بقوله: (حيث امتازا) بألف الإطلاق أي تميز هذا الفعل بسبب اقترانه بالإجازة.
وحاصل المعنى: أنه إذا اقترنت الكتابة بالإجازة فهي في القوة والصحة كالمناولة المقرونة بالإجازة، وعلى هذا مشى البخاري في صحيحه، إذ سوى بين المناولة والمكاتبة، فقال:" باب ما يذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان ".
ورجح قوم، منهم الخطيب المناولة عليها، لحصول المشافهة فيها بالإذن دون المكاتبة، وهذا وإن كان مرجحاً، فالمكاتبة تترجح أيضاً بكون الكتابة لأجل الطالب.
ثم أشار إلى النوع الثاني وهو مجرد الكتابة بقوله:(أولا) أي لم يجز الشيخ بأن جرد الكتابة عن الإجازة (فـ) ـفيه اختلاف بين العلماء على قولين: (قيل) إنها (لا تصح) كالمناولة المجردة، وهو قول أبي الحسن الماوردي، صاحب الحاوي، والسيف الآمدي، وأبي الحسن بن القطان، ولكن هذا القول غلط (والأصح) من القوليين المشهورُ بين أهل الحديث المتقدمين والمتأخرين، مبتدأ خبره قوله:(صحتها) أي الكتابة المجردة عن الإجازة.
وحاصل المعنى: أن الكتابة المجردة اختلف فيها فمنع الرواية بها قوم كما ذكرنا. وأجاز كثيرون منهم أيوب السختياني، ومنصور بن المُعْتَمِر، والليث بن سعد، وابن أبي سَبْرَةَ، وغيرهم، وهو الأصح، قال القاضي عياض رحمه الله: لأن في نفس كتابه إليه بخطه، أو إجابته إلى ما طلبه عنه من ذلك، أقوى إذن، متى صح عنده أنه خطه وكتابه.
وقد استمر عمل السلف فمن بعدهم من الشيوخ بالحديث بقولهم: كتب إلى فلان قال: حدثنا فلان، وأجمعوا على العمل بمقتضى هذا الحديث وَعَدِّهِ في المسند بغير خلاف في ذلك.