للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الحديث (١) الذي ذكره في التدريب استدلالاً على المسألة فهو حديث مضطرب لا يصح الاحتجاج به كما أوضحه السخاوي رحمه الله، بل ذكره الجُوزَقَانِيّ في الموضوعات. واحترز بقوله للعارف عن غيره، فإنه لا تجوز رواية ما سمعه بالمعنى بلا خلاف، لأنه لا يؤمن بتغييره من الخلل والتحريف.

والقول الثاني قول طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه لا تجوز الرواية إلا بلفظه المروي.

وإليه ذهب ابن سيرين، وثعلب، وأبو بكر الرازي من الحنفية، وروي عن ابن عمر، وإليه مال عياض قال: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى، لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع للرواة كثيراً قديماً وحديثاً اهـ.

وهذا القول هو المطوي في قوله: (ثالثها) أي الأقوال المروية في المسألة وهو للخطيب البغدادي، فثالثها مبتدأ خبره جملة قوله: (يجوز) ذلك (بالمرادف) فقط كإبدال قام بنهض، وقال بتكلم، وجلس بقعد، ونحو ذلك.

يعني: أنه يجوز إبدال لفظ بمرادفه مع بقاء التركيب وموقع الكلام، وإلا فلا، لأنه قد لا يوفي بالمقصود، وهذا قول الحافظ في النزهة وقيل: إنما يجوز في المفردات دون المركبات فافهم.

قال الخطيب: وهذا القول هو الذي نختاره مع شرط آخر، وهو أن يكون سامع لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - عالماً بموضوع ذلك اللفظ في اللسان، وبأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد به ما هو موضوع له، فإن علم تجوزه به واستعارته له لم يسغ له أن يروي اللفظ مجرداً دون ذكره ما عرفه من قصده - صلى الله عليه وسلم - ضَرُورَةً.


(١) وهو ما رواه ابن منده والطبراني عن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي قال: قلت: يا رسول الله: إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد حرفاً أو ينقص حرفاً فقال: إذا لم تحلوا حراماً ولم تحرموا حلالاً وأصبتم المعنى فلا بأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>