للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وقيل بل سد ذريعة) أي الأمر بالفرار من باب سد الذرائع، جمع ذريعة: وهي الوسيلة، أي منع الوسائل التي تؤدي إلى تعدي هذه الأمراض.

وحاصل هذا القول: أن نفي العدوى باق على عمومه، وقد صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يعدي شيء شيئاً " وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصَّحِيحة فيخالطها فتجرب، حيث رَدَّ عليه بقوله: " فمن أعدى الأول "؟ وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسماً للمادة.

وهذا المسلك سلكه جماعة واختاره الحافظ في شرح النّخْبةِ.

ثم أشار إلى الثالث بقوله:

(ومن) مبتدأ موصول (يقول) في الجمع بينهما (مخصوص) خبر لمحذوف، أي العدوى مخصوص (بهذا) أي الجذام (ما) نافية (وهن) من باب وعد ضعف، أي ما ضعف قوله، والجملة خبر المبتدإِ، وحاصله أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى، فيكون معنى قوله: لا عدوى أي إلا في الجذام ونحوه فكأنه قال لا يُعدِي شيء شيئاً إلا فيما تقدم تبيني له.

وهذا المسلك سلكه القاضي أبو بكر الباقلاني. وبقي رَابع وهو أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر المجذوم لأنه إذا رأى الصَّحِيح تعظم مصيبته، وتزداد حسرته.

ويؤيده حديث: " لا تديموا النظر إلى المجذومين " فإنه محمول على هذا المعنى وفيه مسالك أخَر. والمحقق ابن شاكرٍ جعل الرابع أضعف الأقوال وقَوَّى الأولَ.

والقسم الثاني ما لا يمكن الجمع فيه وأشار إليه بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>