المفعول الأول، أي نحو قوله من السنة كذا حال كونه صادراً (من صحابي)، والمعنى: أن قول الصحابي من السنة كذا، كقول علي - رضي الله عنه -: " من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة " رواه أبو داود: يعطي حكم الرفع في الأصح، وهو الذي عليه جمهور المحدثين والفقهاء والأصوليين.
(كذا) حكم قوله (أمرنا) بكذا بالبناء للمفعول، كقول أم عطية - رضي الله عنها - " أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأُمِرَ الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين " أخرجه الشيخان. وقول أنس - رضي الله عنه -: " أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة " أخرجاه أيضاً.
وكذا نهينا عن كذا كقول أم عطية - رضي الله عنها -: " نُهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزَم علينا " أخرجاه.
وإنما كان الأصحَّ في قوله من السنة وأمرنا ونهينا إعطاؤُها حكم الرفع لأنه المتبادر إلى الذهن من الإطلاق. قال ابن الصلاح: لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي، ومن يجب اتباع سنته، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومقابل الأصح قول من قال إنه ليس بمرفوع لاحتمال أن يكون الآمر غيره كأمر القرآن، أو الإجماع أو بعض الخلفاء، أو الاستنباط، وأن يريد سنة غيره، وأجيب ببعد ذلك مع أن الأصل الأول.
(وكذا) قوله (كنا نرى) بالبناء للفاعل، أو نفعل، أو نقول، ونحو ذلك فهو في حكم المرفوع سواء نسب ذلك إلى عهده - صلى الله عليه وسلم -، بأن يقول كنا نرى كذا (في عهده) - صلى الله عليه وسلم -، كقول جابر - رضي الله عنه - " كنا نَعزِل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". متفق عليه، أو " كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، رواه النسائي وابن ماجه، وقولِ غيرِه كنا لا نرى بأساً بكذا