ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا، أو كان يقال كذا وكذا على عهده، أو كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته إلى غير ذلك من الألفاظ المفيدة للتكرار والاستمرار، أو لم ينسبه إليه كما أشار إليه بقوله (أو عن إضافة) إلى عهده - صلى الله عليه وسلم - متعلق بـ (ـعَرَى) أي خلا، يعني أنه خلا عن نسبته إلى عهده - صلى الله عليه وسلم -، وعَرَى بفتح الراء هنا على لغة من قال بَقَى يَبْقَى بفتح عين الكلمة فيهما، وإلا فأصلها عري كرضي، يقال عرى يعرى بالكسر في الماضي والفتح في المضارع خلا، وأما عرا يعرو كغزا يغزو: نزل عليه وأصابه فلا يوافق هنا.
وحاصل المعنى: أن قول الصحابي كنا نرى كذا ونحوه مرفوع حكماً سواء أضافه إلى عهده - صلى الله عليه وسلم - كالأمثلة السابقة أم لم يضفه كقول عائشة - رضي الله عنها -: " كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه " وقول جابر - رضي الله عنه -: " كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا ".
وهذا القول للحاكم أبي عبد الله، وفخر الدين الرازي، وقواه العراقي، والنووي، وقال: هو ظاهر استعمال كثير من المحدثين والصحابة، واعتمده الشيخان في صحيحيهما، وأكثر منه البخاري.
ومقابله ما ذهب إليه الجمهور من أنه إن أضافه فهو مرفوع وإلا فموقوف لأن ظاهره مشعر باطلاعه - صلى الله عليه وسلم - وهذا القول هو المطوي في قوله:
١٢٥ - ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ لا يَخْفَى ...... ... ...........
(ثالثها) أي الأقوال مبتدأ خبره جملة قوله (إن كان) ذلك الفعل (لا يخفى) فمرفوع وإلا فموقوف.
وحاصل هذا القول أنه إن كان الفعل مما لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - غالباً فمرفوع وإن كان يخفى فموقوف كقول بعض الأنصار:" كنا نجامع فنكسل ولا نغتسل " وهذا القول قطع به أبو إسحاق الشيرازي، وقال به ابن السمعاني وآخرون، وفي المسألة أقوال أُخَرُ. وهذا الاختلاف إذا لم يوجد ما يدل على اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - وإلا فمرفوع بلا خلاف كما ذكره بقوله: