للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأجر له حاصل لأن كلمتي غرس وزرع جاءتا نكرة فدلتا على عموم الغرس والزرع مما يأكل وينتفع منه الناس، وأما ما ذُكر في الحديث في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أو غرس نخلاً» فخص ذكر النخل؛ إما لكثرة ما ينتفع ويستفاد منها سواء ثمرها أو ورقها أو عيدانها أو غير ذلك؛ أو ما يتعلق بكثرة فوائد ومنافع ثمرها عن غيرها، أو لكون النخيل هو المنتشر أكثر من غيره من الأشجار والزروع في مكة والمدينة؛ أو في جزيرة العرب عموما؛ أو لكونه أحب شيء من الزروع عند الناس في ذلك الوقت، أو لطول عمرها وبقائها، ولهذا فإن غرس وزرع ما يتعمر طويلا من الأشجار والزروع أفضل لكون الأكل منه والانتفاع به يستمر ويدوم أكثر مدة من غيره مما يتعمر زمن قصير، وعلى هذا فمن كان في بلد لم يصلح أن يغرس فيه النخيل؛ فليغرس غيرها مما يناسب ذلك البلد، ويصلح فيه، وله خِبرة ودراية في زراعة وغرس ذلك الزرع والغرس، فمثلا لو غرس زيتونا أو رمانا أو عنبا أو برتقالا أو مانجو، أو غير ذلك من الأشجار التي ينتفع الناس بثمرها أو بشيء منها مما يعود لهم به نفع وفائدة، بحيث توزع ثمرها، أو قيمة ما يبتاع منها على الفقراء والمساكين والمحتاجين، فإن الأجر جار لصاحبها الذي غرسها ما أنتفع الناس بها، أو إلى يوم القيامة والله أعلم.

<<  <   >  >>