للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

جاء في القرآن الكريم عدد من الأدلة التي تدل على الأعمال الصالحة التي يجري ويستمر للإنسان أجرها وثوابها بعد الممات، نذكر منها ما يلي:

الدليل الأول: قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: ١٢]، قال العلامة السعدي: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، {وَآثَارَهُمْ}، وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر" (١) انتهى.

قال ابن عاشور: في تفسير قوله تعالى: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}: "فالمراد ب {ما قدموا} ما عملوا من الأعمال قبل الموت شبهت أعمالهم في الحياة الدنيا بأشياء يقدمونها إلى الدار الآخرة، كما يُقدم المسافر ثقله وأحماله، وأما الآثار فهي


(١) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: ٦٩٣).

<<  <   >  >>