للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمل الرابع

حفر بئر، أو إجراء نهر

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْ كَرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا»، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ»: قال الهروي: "جعله جاريا لينتفع به الخلق" (١)، أي للسبيل ليشرب منه الخلق وينتفعوا به، ولاشك أن الماء من أعظم النعم التي منّ الله بها على عباده، فكانت حاجة الناس إليها شديدة وماسة ولا غنى لهم عنها، ولذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنها من الصدقات الجاريات التي يجري للإنسان أجرها وثوابها وهو في قبره وبعد موته سنين عديده وأحقاب مديدة؛ وقد وردت عدة من الأحاديث التي ترغب وتحث وتبيّن فضل صدقة الماء وسقيه، وأنها من أفضل الصدقات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش (٢)، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى


(١) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (١/ ٣٢٦).
(٢) يلهث: يرتفع نفسه بين أضلاعه أو يخرج لسانه من شدة العطش. الثرى: التراب الندي وقيل يعض الأرض. وإن لنا في البهائم لأجرا: أيكون لنا في سقي البهائم والإحسان لها أجر. في كل كبد: في الإحسان إلى كل ذي كبد. رطبة: حية. [تعليق مصطفى البغا] على البخاري (٣/ ١١٢).

<<  <   >  >>