للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاشك أن حبه ليس بالقليل؛ لأن السلاح الجيد سبب من أسباب النصر على العدو لمن أخذه بحقه، أضف الى ذلك ما للسلاح من أهمية ومكانة عند الناس، ومع هذا كله فقد جعله رضي الله عنه وقفا في سبيل الله تعالى، ولم يذهب ليبيعه وينتفع بثمنه، أو يبقيه ليورثه، بل جعله صدقة جارية له.

الصورة الرابعة:

عن أنس رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أعطها إياه بنخلة في الجنة» فأبى (١)، فأتاه أبو الدحداح فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كم من عذق (٢) رداح (٣) لأبي الدحداح


(١) قوله: "فأبى" قال السندي: قيل: كان قوله -صلى الله عليه وسلم- ذاك شفاعة لا أمرا، وإلا عصى بخلافه.
(٢) عذق: قيل: بالكسر الغصن، وبالفتح النخلة أو الحائط، والظاهر أن المراد ها هنا النخلة أو الحائط، لقوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [الأنعام: ١٦٠]، وقوله: والله يضاعف لمن يشاء [البقرة: ٢٦١]، واقتصار النبي -صلى الله عليه وسلم- على الواحدة لبيان أنها تكفي في الرغبة في الخير، والله تعالى أعلم، وقال القاضي عياض في "المشارق" ٢/ ٧١: قيل: إنما يقال للنخلة: عذق، إذا كانت بحملها، وللعرجون: عذق، إذا كان تاما بشماريخه وتمره. قلنا: والشماريخ: جمع شمراخ، وهو ما يكون عليه الرطب. (حاشية مسند أحمد طبعة الرسالة (١٩/ ٤٦٥).
(٣) رداح: قال السندي: بفتح راء، وخفة مهملة، أي: الثقيل لكثرة ما فيه من الثمار. (حاشية مسند أحمد طبعة الرسالة (١٩/ ٤٦٥).

<<  <   >  >>