للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوضيح:

قبل البدء في الكلام عن بعض ما جاء من توضيح لهذا الحديث أذكر سبب ذكر هذا الحديث: فعن جرير رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر فتمعر (١) وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام، فصلى ثم خطب فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخر الآية، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] والآية التي في الحشر: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: ١٨] «تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره - حتى قال - ولو بشق تمرة» قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت (٢)، قال: ثم تتابع


(١) قوم عراة: أي: يغلب عليهم العري حال كونهم. مجتابي: هو بالجيم وبعد الألف باء أي لابسي. النمار: بكسر النون وهي أكسية من صوف مخططة. واحدتها نمرة بفتح النون. العباء: كساء معروف، والنمرة: شملة فيها خطوط بيض وسود، أو بردة من صوف يلبسها الأعراب، عامتهم أي: أكثرهم (من مضر) قبيلة عظيمة. فتمعر: بالتشديد أي: فتغير، وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وظهر عليه آثار الحزن لما رأى بهم، الفاقة: أي: الفقر الشديد، … ، يعني: لما لم يكن عنده من المال ما يجبر كسرهم ويغني فقرهم ويكسبهم ويعطيهم ما يغنيهم … ، (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: لعلي الملا القاري الهروي (١/ ٢٩٢).
(٢) بصُرة: بالضم أي ربطة من الدراهم لا من الدنانير على الظاهر. تعجز عنها: أي عن حمل الصرة لثقلها لكثرة ما فيها. ثم تتابع الناس: أي توالوا في إعطاء الصدقات. كومين: الكوم بالضم العظيم من كل شيء، والكوم بالفتح المكان المرتفع كالرابية. من طعام: الظاهر أنه هنا حبوب، ولعل الاقتصار عليه من غير ذكر النقود لغلبته. يتهلل: أي يستنير فرحاً وسروراً. مذهبة: بضم الميم وسكون الذال المعجمة وفتح الهاء بعده موحدة أي فضة مذهبة أي مموهة بالذهب، ومعناه ظهور البشر في وجهه -صلى الله عليه وسلم- حتى استنار وأشرق من السرور، والمذهبة أيضاً صحيفة منقشة بالذهب، أو ورقه من القرطاس مطلية بالذهب، يصف حسنه وتلألؤه … ، (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (١/ ٣١٥).

<<  <   >  >>