أنه ليس في العالم شيئان أصلا بوجه من الوجوه إلا وهما مشتبهان من بعض الوجوه وفي بعض الصفات وفي بعض الحدود لا بد من ذلك لأنهما في محدثان أو مؤلفات أو جسمان أو عرضان ثم يكثر وجود التشابه على قدر استواء الشيئين تحت جنس أعلى ثم تحت نوع فنوع إلى أن تبلغ نوع الأنواع الذي يلي الأشخاص كقولنا الناس أو الجن أو الخيل أو البر أو التمر وما أشبه
ذلك فواجب على هذه المقدمة الفاسدة التي قدموا إذا كانت عين ما مما في العالم حراما إما أن يكون ما في العالم أوله عن آخره حراما قياسا عليه لأنه يشبهه ولا بد في بعض الوجوه إن تمادوا على هذا سخطوا وكفروا وإن أبوا منه تركوا مذهبهم الفاسد في قياس الحكم فيما لم ينص عليه من الأنواع على ما نص عليه منها
ثم نلزمهم إلزاما آخر وهو أننا نجد أيضا شيئا آخر حلالا فيلزم أن يكون كل ما في العالم حلالا قياسا على هذا لأنه أيضا يشبهه من بعض الوجوه وهذا إن قالوه حمقوا وخرجوا عن الإسلام وإن أبوا منه تركوا مذهبهم الفاسد في قياس الحكم فيما لم ينص عليه من الأنواع على ما نص عليه منها ثم تجمع عليهم هذين الإلزامين معا فيلزمهم أن يجعلوا الأشياء كلها حراما حلالا معا قياسا على ما حرم وما حلل وهذا تخليط ولا شك في فساد كل قول أدى إلى مثل هذا السخف فإذ لا شك في بطلان هذا الهذيان فالواجب ضرورة أن يحكم بالتحريم فيما جاء فيه النص بالتحريم وأن يحكم بالتحليل فيما جاء فيه النص بالتحليل وأن يحكم بالإيجاب فيما جاء فيه النص بالإيجاب ولا يتعدى حدود الله تعالى فلم يبق لهم إلا أن يقولوا إن النص لا تستوعب كل شيء قال أبو محمد وهذا قول يؤول إلى الكفر لأنه قول بأن الله تعالى لم يكمل لنا ديننا وأنه أهم أشياء من الشريعة تعالى الله عن هذا والله تعالى