أصدق منهم حيث يقول {وما من دآبة في لأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في لكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} و {حرمت عليكم لميتة ولدم ولحم لخنزير ومآ أهل لغير لله به ولمنخنقة ولموقوذة ولمتردية ولنطيحة ومآ أكل لسبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على لنصب وأن تستقسموا بلأزلام ذلكم فسق ليوم يئس لذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم لأسلام دينا فمن ضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم} و {بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} فبطل قولهم بالقياس والحمد لله رب العالمين وما نعلم في الأرض بدع السوفسطائية أشد إبطالا لأحكام العقول من أصحاب القياس فإنهم يدعون على العقل ما لا يعرفه العقل من أن الشيء إذا حرم في الشريعة وجب أن يحرم من أجله شيء آخر ليس من نوعه ولا نص الله تعالى ولا
رسوله صلى الله عليه وسلم على تحريمه وهذا ما لا يعرفه العقل ولا أوجب العقل قط تحريم شيء ولا إيجابه إلا بعد ورود النص ولا خلاف في شيء من العقول أنه لا فرق بين الكبش والخنزير ولولا أن الله حرم هذا وأحل هذا فهم يبطلون حجج العقول جهارا ويضادون حكم العقل صراحا ثم لا يستحبون أن يصفوا بذلك خصومهم فهم كما قال الشاعر ويأخذ عيب الناس من عيب نفسه مراد لعمري ما أراد قريب
وأيضا فإنه يقال لهم إذا قلتم إن كل شيئين اشتبها في صفة ما فإنه يجب التسوية بين أحكامهما في الإيجاب والتحليل وبالتحريم في الدين فما الفرق بينكم وبين عكس من عليكم هذا القول بعينه فقال بل كل شيئين في العالم إذا افترقا في صفة ما فإنه يجب أن يفرق أحكامهما في الإيجاب والتحليل والتحريم في الدين فأجاب بعضهم بأن قال هذا لا يجب دون أن يأتي بفرق فقال أبو محمد وهذا تحكم عاجز عن الفرق ويقال له بل قولك هو الذي لا يجب فما الفرق