لهذا كله إذ لا بد لكل فعل من فاعل ولكل تحريم من محرم ولكل إيجاب من موجب ولكل إباحة من مبيح فإن قالوا الله تعالى ورسوله أباحا ذلك وحرماه وأوجباه كذبوا على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وجاهروا بالفرية عليهما وهم لا يقدمون على أن ينسبوا ما حكموا فيه بقياسهم إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مع أنه إن أقدم منهم قليل الدين على أكذبه سائرهم لأنه إنما سألناهم عن مسائل يخالف فيها بعضهم بعضا ووقع حينئذ بأسهم بينهم وكفونا مؤنتهم فلم يبق بالضرورة إلا أن يحيلوا في التحريم والإيجاب والإباحة على أنفسهم أو على أحد دون الله تعالى ودون رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا كما تراه بلا مؤنة ولا تكلف تأويل إقرار بإحداث دين
وشريعة لم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أذن بها الله تعالى فإن سألونا عن مثل هذا فيما أوجبناه أو حرمناه أو أبحناه بخبر الواحد العدل المسند فلسنا نقنع بأن نقول لهم إن هذا السؤال لازم لكم كلزومه لنا لأننا لا نتكثر بهم ولا نبالي وافقونا في ذلك أو خالفونا لكن نقول وبالله تعالى التوفيق
إن الله تعالى حرم وأوجب وأباح كل ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك في ذلك كما نقول فيما أمر الله تعالى به من قبول شهادة العدول في الأحكام وبالله تعالى التوفيق ويقال لهم أيضا أخبرونا أكل قياس قاسه قائس من أصحاب القياس حق وصواب أم من القياس خطأ وصواب ولا بد من أحد الوجهين فإن قالوا كل قياس في الأرض فهو صواب تركوا مذهبهم وأوجبوا المحال وكون الشيء حراما حلالا فرضا مباحا على إنسان واحد في وقت واحد وإن قالوا من القياس خطأ ومنه صواب قلنا لهم بأي شيء