نصا على الإسم وإما ليلا من النص لا يحتمل إلا معنى واحدا وسقط كل ما عداها من الوجوه التي قد حصرت فالواجب أن ننظر في أقسام المجتهدين فنظرنا في ذلك فوجدنا أقسام المجتهدين بقسمة العقل الضرورية لا تخرج عن ثلاثة أقسام عندنا وأما عند الله تعالى فقسمان لا ثالث لهما فالقسمان اللذان عند الله تعالى إما مصيب أو مخطىء لا بد أن يكون كل مجتهد عند الله تعالى واقعا في التعيين إما مصيب وإما مخطىء فقد أوضحنا فيما سلف من كتابنا هذا البراهين الضرورية على أن الحق لا يكون في قولين مختلفين في حكم واحد في إنسان واحد في وجه واحد
وأما الثلاثة أقسام التي عندنا فمصيب تقطع على صوابه عند الله عز وجل أو مخطىء نقع على خطئه عند الله عز وجل أو متوقف فيها لا ندري أمصيب عند الله تعالى أو مخطىء وإن أيقنا أنه في أحد الحيزين عند الله عز وجل بلا شك لأن الله تعالى لا يشك بل عنده علم حقيقة كل شيء ولكنا نقول مصيب عندنا أو مخطىء عندنا والله أعلم أو نتوقف فلا نقول إنه مخطىء ولا مصيب وإنما هذا فيما لم يقم على حكمه عندنا دليل أصلا وما كان من هذه الصفة فلا تحل الفتيا فيه لمن لم يلح له وجهه إذ لا شك في أن عند غيرنا بيان ما جهلناه كما أن عندنا بيان كثيرا مما جهله غيرنا ولم يعر بشر من نقص أو نسيان أو غفله فإذا قال البرهان عند المرء على صحة قوله ما قياما صحيحا فحقه التدين به والعمل به والدعاء إليه والقطع أنه الحق عند الله عز وجل لما ذكرنا قبل وليس من هذا الحكم بالشهادة من العدلين وقد يكونان في باطن أمرهما عند الله تعالى كاذبين أو مغفلين وإذ لم يكلفنا الله تعالى معرفة باطن ما شهدا به ولكن كلفنا الحكم بشهادتهما