وقد عملنا أنه لا يمكن أن يخفى الحق في الدين على جميع المسلمين بل بل لا بد أن تقع طائفة من العلماء على صحة حكمه بيقين لما قدمنا في كتابنا في هذا من أن الدين مضمون بيانه ورفع الإشكال عنه بقول الله تعال تبيانا لكل شيء وبقوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم ولكن قد قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم فصح بالنص أن الخطأ مرفوع عنا فمن حكم بقول ولم يعرف أنه خطأ وهو عند الله تعالى خطأ فقد أخطأ ولم يتعمد الحكم بما يدري أنه خطأ فهذا لا جناح عليه في ذلك عند الله تعالى وهذه الآية عموم دخل فيه المفتون والحكام والعاملون والمعتقدون فارتفع الجناح عن هؤلاء بنص القرآن فيما قالوه أو عملوا به مما هم مخطئون فيه وصح أن الجناح إنما هو على من تعمد بقلبه الفتيا أو التدين أو الحكم أو العمل بمن يدرى أنه ليس حقا أو
بما لم يقدم إليه دليل أصلا وصح بهذه الآية أن من قام عنده برهان على بطلان قول فتمادى عليه فهو في جناح لأنه قد تعمد بقلبه ذلك
وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران وقد ذكرناه بإسناده فيما سلف من كتابنا هذا فأغنى عن إعادته فنص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الحاكم إذا أخطأ في اجتهاده فله أجر فيما أداه اجتهاده إلى أنه حق عنده وأسقط عنه بذلك الإثم وإن كان مخطئا في الحقيقة عند الله تعالى قال أبو محمد واعتقاد الشيء والعمل به والفتيا به حكم به فدخل هؤلاء تحت لفظ الحديث المذكور وعمومه فصح ما ذكرناه وبالله تعالى التوفيق قال أبو محمد ثم ينقسم المخطىء المجتهد قسمين لا ثالث لهما إما مخطىء