للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلته كلرميم} فهذه الآية مبطلة لقولهم لأنه إنما أخبر أنها دمرت كل شيء أتت عليه لا كل شيء لم تأت عليه فبطل تمويههم وأما قوله تعالى {إني وجدت مرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} فإنما حكى تعالى هذا القول عن الهدهد ونحن لا نحتج بقول الهدهد وإنما نحتج بما قاله الله تعالى مخبرا به

لنا عن علمه أو ما حققه الله تعالى من خبر من نقل إلينا خبره وقد نقل تعالى إلينا عن اليهود والنصارى أقوالا كثيرة ليست مما تصح فإن قال قائل فإن سليمان عليه السلام قال للهدهد {قال سننظر أصدقت أم كنت من لكاذبين} قلنا نعم ولكن لم يخبرنا الله تعالى أن الهدهد صدق في كل ما ذكر فلا حجة لهم في هذه الآية أصلا

ثم نقول لهم وبالله تعالى التوفيق إذا احتججتم بهذه الآيات في حمل القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم على الخصوص لا على العموم فالتزموا ذلك ولسنا نبعدكم عن هذه الآية التي احتججتم بها فنقول لكم قول الله تعالى {ولقد مكناهم فيمآ إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فمآ أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات لله وحاق به ما كانوا به يستهزئون} فأخبرونا على قوله تعالى في هذه الآية إن سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم لم تغن عنهم شيئا أهو على عمومه أم يقولون إنها أغنت عنهم شيئا فإن قلتم كذبتم ربكم وإن لم تقولوا تركتم مذهبكم الفاسد ومثل هذا في القرآن كثير جدا بل هو الذي لا يوجد غيره أصلا في شيء من القرآن والكلام إلا في مواضع يسيرة قد قام الدليل على خصوصها ولولا قيام الدليل على خصوصها لم يحل لأحد أن يحملها إلا على العموم وبالله تعالى التوفيق قال علي وموهوا أيضا بما هو عليهم لا لهم وهو تردد بني إسرائيل في أمره تعالى لهم بذبح البقرة قال علي ومن كان هذا مقداره في العلم فحرام عليه الكلام فيه لأن الله تعالى ذمهم بذلك التوقف أشد الذم أفيسوغ لمسلم أن يقوي مذهبه بأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>