موافق لأمر ذمه الله عز وجل ولو لم يكن في ترددهم إلا قولهم لموسى عليه السلام {وإذ قال موسى لقومه إن لله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بلله أن أكون من لجاهلين} جوابا لقوله {وإذ قال موسى لقومه إن لله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بلله أن أكون من لجاهلين} ومن خاطبه نبي عن الله عز وجل بأمر ما فجعله المخاطب هزوا فقد كفر قال علي فحسبهم وحسبنا لهم اقتداؤهم باليهود الحاملين كلام ربهم تعالى على أنه هزء واحتجوا بقوله {بديع لسماوات ولأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} وهو عز وجل غير مخلوق وبقوله تعالى {لذين قال لهم لناس إن لناس قد
جمعوا لكم فخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا لله ونعم لوكيل} قال علي وإنما قال ذلك لهم بعض الناس وإنما كان الجامعون لهم بعض الناس لا كلهم
قال علي نحن لا ننكر أن يرد دليل يخرج بعض الألفاظ عن موضوعها في اللغة بل أجزنا ذلك وهاتان الآيتان قد قام البرهان الضروري على أن المراد بخلقه تعالى كل شيء أن ذلك في كل ما دونه عز وجل على العموم وهذا مفهوم من نص الآية لأنه لما كان تعالى هو الذي خلق كل شيء ومن المحال أن يحدث أحد نفسه لضرورات براهين أحكمناها في كتاب الفصل صح أن اللفظ لم يأت قط لعموم الله تعالى فيما ذكر أنه خلقه وكذلك لما كان المخبرون لهؤلاء بأن {لذين قال لهم لناس إن لناس قد جمعوا لكم فخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا لله ونعم لوكيل} ناسا غير الناس الجامعين وكان الناس الجامعون لهم غير الناس المخبرين لهم وكانت الطائفتان معا غير المجموع لها علمنا أن اللفظ لم يقصد به إلا ما قام في العقل وإنما ننكر دعوى إخراج الألفاظ عن مفهومها بلا دليل وكذلك لا ننكر نسخ الأمر كله بدليل يقوم على ذلك وإنما ننكر دعوى النسخ بلا دليل قال علي وموهوا أيضا بأن قالوا لو كان للعموم صيغة تقتضيه ولفظ موضوع له لما كان لدخول التأكيد عليه معنى لأنه كان يكتفى في ذلك باللفظ الدال على العموم قال علي وهذا تعليم منهم لربهم أشياء استدركوها لا ندري ما ظنهم فيها