وأما أمر موسى والخضر عليهما السلام فإن الخضر نبي موحى إليه ولم يفعل شيئا من كل ما فعل باجتهاد كما يظن من لا عقل له وإنما فعل كل ذلك بوحي أوحاه الله إليه وبيان ذلك نص الله تعالى بأن حكى عنه أنه قال لموسى {وأما لجدار فكان لغلامين يتيمين في لمدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} وأما سؤال موسى عليه السلام له عن ذلك فإنما فعله ناسيا لعهده ولسنا ننكر أن تنسى الأنبياء عليهم السلام وقد صلى نبينا صلى الله عليه وسلم خامسة ناسيا وسلم من ثلاث ومن اثنين ناسيا وهذا الذي قلنا هو نص القرآن في قوله تعالى حاكيا عن موسى أنه قال للخضر {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا} قال أبو محمد فإن احتجوا بما حدثناه عبد الله بن ربيع التميمي عن عمر بن عبد الملك الخولاني عن محمد بن بكر البصري عن سليمان بن الأشعث نا إبراهيم بن موسى ثنا عيسى نا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه فهذا حديث ساقط مكذوب لأن أسامة بن زيد هذا ضعيف لا يحتج بحديثه متفق على أنه كذلك ويبين كذبه ما ذكرنا في أول هذا الباب من الأحاديث التي فيها تركه عليه السلام الحكم
فيما لم ينزل عليه فيه شيء وانتظاره الموحى في كل ذلك ويكفي من ذلك قول الله تعالى آمرا له أن يقول {قل لا أقول لكم عندي خزآئن لله ولا أعلم لغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي لأعمى ولبصير أفلا تتفكرون} وقوله تعالى {وما ينطق