للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} وأمر الله تعالى له أن يقول {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقآءنا ائت بقرآن غير هذآ أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقآء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} فلو أنه صلى الله عليه وسلم شرع شيئا لم يوح إليه به لكان مبدلا للدين من تلقاء نفسه وكل من أجاز هذا فقد كفر وخرج عن الإسلام وبالله تعالى نعوذ من الخذلان فإن احتج فيها معترض بقوله تعالى {إنآ أنزلنا إليك لكتاب بلحق لتحكم بين لناس بمآ أراك لله ولا تكن للخآئنين خصيما} فإن الذي أراه الله تعالى هو الذكر والوحي بنص الآية لأن أولها {إنآ أنزلنا إليك لكتاب بلحق لتحكم بين لناس بمآ أراك لله ولا تكن للخآئنين خصيما} وقال تعالى {وإن كادوا ليفتنونك عن لذي أوحينآ إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا} ثم توعده على ذلك فقال {إذا لأذقناك ضعف لحياة وضعف لممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا} فبين تعالى أنه عليه السلام لو أوجب شيئا في الدين بغير وحي لكان مفتريا على ربه تعالى وقد عصمه الله عز وجل من ذلك وكفر من أجازه عليه فصح أنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل شيئا إلا بوحي فسقط الاجتهاد الذي يدعيه أهل الرأي أو القياس جملة وقال تعالى {وأنزلنآ إليك لكتاب بلحق مصدقا لما بين يديه من لكتاب ومهيمنا عليه فحكم بينهم بمآ أنزل لله ولا تتبع أهوآءهم عما جآءك من لحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شآء لله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في مآ آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} فصح بهذه

الآية أن كل نبي كان قبله فهكذا كانوا أيضا إنما اتبع كل نبي شرعته التي أوحي إليه بها فقط

وأما أمور الدنيا ومكايد الحروب ما لم يتقدم نهي عن شيء من ذلك وأباح صلى الله عليه وسلم تعالى له التصرف فيه كيف شاء فلسنا ننكر أن يدبر عليه السلام كل ذلك على حسب ما يراه صلاحا فإن شاء الله تعالى إقراره عليه أقره وإن شاء إحداث منع له من ذلك في المستأنف منع إلا أن كل ذلك مما تقدم الوحي إليه بإباحته إياه ولا بد وأما في التحريم والإيجاب فلا سبيل إلى ذلك البتة وذلك مثل ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة فهذا مباح

<<  <  ج: ص:  >  >>