قال أبو محمد هذا تأويل منهم مجرد من الدليل وما تجرد عن الدليل فهو دعوى ساقطة وقد بينا الدلائل على أن الذي أمرنا بالاقتداء بهم فيه إنما هو التوحيد وحده فقط واحتجوا بقول الله تعالى {وأنزلنآ إليك لكتاب بلحق مصدقا لما بين يديه من لكتاب ومهيمنا عليه فحكم بينهم بمآ أنزل لله ولا تتبع أهوآءهم عما جآءك من لحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شآء لله لجعلكم أمة واحدة
ولكن ليبلوكم في مآ آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} قال أبو محمد وقد بين الله تعالى في آية أخرى غير هذه الآية بقوله تعالى {وأنزلنآ إليك لكتاب بلحق مصدقا لما بين يديه من لكتاب ومهيمنا عليه فحكم بينهم بمآ أنزل لله ولا تتبع أهوآءهم عما جآءك من لحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شآء لله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في مآ آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون}{ومن يبتغ غير لإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في لآخرة من لخاسرين} واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر ثنية الربيع أو الجرح الذي جرحت على حسب اختلاف الروايات في ذلك كتاب الله القصاص
قال أبو محمد إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى {لشهر لحرام بلشهر لحرام ولحرمات قصاص فمن عتدى عليكم فعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم وتقوا لله وعلموا أن لله مع لمتقين} وهذا الذي خوطبنا به نحن هو اللازم لنا ولم يأت نص عن أنه عليه السلام عنى غير هذه الآية أصلا فإن قال قائل فلعله عليه السلام إنما عنى بذلك قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيهآ أن لنفس بلنفس ولعين بلعين ولأنف بلأنف ولأذن بلأذن ولسن بلسن ولجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل لله فأولئك هم لظالمون} الآية وما علمكم بأنه عنى عليه السلام الآية التي تلوتم دون هذه فالجواب وبالله تعالى التوفيق إن البرهان على أنه صلى الله عليه وسلم لم يعن بقوله كتاب الله القصاص قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيهآ أن لنفس بلنفس ولعين بلعين ولأنف بلأنف ولأذن بلأذن ولسن بلسن ولجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل لله فأولئك هم لظالمون} أنه ليس في سورة التوراة قبول أرش وإنما الأرش في حكم الإسلام وفي الحديث المذكور أنهم قبلوا الأرش فصح أنه صلى الله عليه وسلم لم يعن قوله تعالى {وكتبنا عليهم فيهآ أن لنفس بلنفس ولعين بلعين ولأنف بلأنف ولأذن بلأذن ولسن بلسن ولجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل لله فأولئك هم لظالمون}