واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء نحن أولى بموسى منهم قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بصيامه ولولا أن الله تعالى أمره بصيامه ما اتبع اليهود في ذلك وقد صح أنه كان يوما تصومه قريش في الجاهلية فصامه صلى الله عليه وسلم تبررا واحتجوا أيضا بأن قالوا لما كانت شريعة الأنبياء عليهم السلام حقا وجب اتباع الحق حتى يأتي ما ينقلنا عنه قال أبو محمد والجواب وبالله تعالى التوفيق إن تلك الشرائع وإن كانت حقا على الذين
خوطبوا بها فلم تكتب قط علينا وليس ما كان حقا على واحد كان حقا على غيره إلا أن يوجبه الله تعالى عليه وإنما كتب علينا الإقرار بالأنبياء السالفين وبأنهم بعثوا إلى قومهم بالحق لا إلى كل أحد ولم يكتب علينا العمل بشرائعهم واحتجوا بدعائه صلى الله عليه وسلم بالتوراة يوم رجم اليهوديين وأنه عليه السلام سألهم ما تجدون في التوراة فلما أخبروه بالرجم وأنهم تركوه قال صلى الله عليه وسلم أنا أول من أحيا أمر الله تعالى
قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه بل هو تأويل سوء ممن تأوله لأنه صلى الله عليه وسلم بلا شك في شريعته المنزلة عليه قد أمر برجم من أحصن من الزناة وإنما دعا صلى الله عليه وسلم بالتوراة حسما لشغب اليهود وتبكيتا لهم في تركهم العمل بما أمروا به وإعلاما لهم بأنهم خالفوا كتابهم الذي يقرون أنه أنزل عليهم ومن قال إنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين اتباعا للتوراة لا لأمر الله تعالى له برجم كل من أحصن من الزناة في شريعته المنزلة عليه فقد كفر وفارق الإسلام وحل دمه لأنه ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عصيان ربه فيما أمره به في شريعته المنزلة عليه إذ تركها واتبع ما أنزل في التوراة