ما قلتُ شيئًا انتظارَ رأيك أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم، وضمنتَ لهم ألا يضيع من حسناتهم؟، ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقةً من تلك الحِلَق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصًا نعدُّ به التكبير، والتهليل، والتسبيح، قال: فعدُّوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ ألا يضيع من حسناتكم شيءٌ، وَيحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- متوافرون، وهذه ثيابه لم تَبْلَ، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملَّةٍ هي أهدى من ملَّة محمد، أو مفتِّحو باب ضلالةٍ، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريدٍ للخير لن يُصيبه، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنا:«إنَّ قومنا يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم». وايم الله لا أدري، لعلَّ أكثرهم منكم، ثم تولَّى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج».
وجه الدلالة: أن الصحابي ابن مسعود اعتمد في الإنكار على هؤلاء بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يفعلوا هذا الأمر (السنة التركيَّة)، ففعلهم ما بين أمرين: أن يزعموا أنه أهدى، أو أن يكونوا مفتتحين لباب ضلالةٍ، والثاني هو المتعيِّن، وبعد ذكر هذه الأدلة العامة والخاصة في بيان حجية السنة التركية بضوابطها، فإن أهل العلم قرروا حجية السنة التركيَّة.
قال الشافعي:«وللناس تبرٌ غيره من نحاس وحديد ورصاص، فلما لم يأخذ منه رسول الله ولا أحد بعده زكاة؛ تركناه اتباعًا بتركه»(١).