الأمر الأول: عموم الأدلة فإنها تدل على أن البدع كلها ضلالة، وأنه لا توجد بدعة حسنة. كحديث جابر:«كل بدعة ضلالة»(١)، وحديث العرباض ابن سارية:«إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة»(١)، وحديث عائشة:«من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد»(١).
قوله:«أحدث» فعل في سياق الشرط يفيد العموم.
وقوله:«أمرنا» عام لأنه نكرة مضافة.
قال الشاطبي: «قد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية، أو دليل شرعي كلي إذا تكررت في مواضع كثيرة، وأتي بها شواهد على معان أصولية أو فروعية، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص، مع تكررها، وإعادة تقريرها، فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم، كقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}] الأنعام: ١٦٤ [، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}] النجم: ٣٩ [وما أشبه ذلك، وبسط الاستدلال على ذلك هنالك.
فما نحن بصدده من هذا القبيل، إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى، وبحسب الأحوال المختلفة أن كل بدعة ضلالة، وأن كل محدثة بدعة، وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع في الدين كلها مذمومة.