٢ - قصة جمع القرآن، وفيه أن أبا بكر وزيد بن ثابت قالا: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟، أخرجه البخاري (١)، علمًا أن جمع المصحف من الوسائل، ومع ذلك احتجَّا بعدم فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو كانت الوسائل لا تدخلها البدعة لما قالا هذا واحتجَّا به.
وإن كثيرًا من البدع دخلت في الدِّين باسم المصالح المرسلة، لذا معرفة الفرق بينها والبدع المحدثة مهمٌّ.
وخلاصة الفرق ما يلي:
١ - أن يُنظر فيما يراد إحداثُه؛ هل المقتضي لفعله كان موجودًا في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والمانع منتفٍ؟، فإن كان كذلك، ولم يفعلوا؛ ففعل هذا الأمر من البدع لا من المصالح، إذ لو كان خيرًا لسبقونا إليه، فتكون من المصالح الملغاة، لأنّها معارضة للسنّة التركيّة، فكلّ مصلحة معارضة لدليل شرعي فهي ملغاة، أما لو كان هناك مانعٌ ثم زال، ففعله ليس من البدع، بل من المصالح المرسلة، لأنه لا يتعارض مع السنّة التركية، ومن ذلك عدم وجود الشيء في زمانهم، كمكبرات الصوت في الأذان، ففعله ليس بدعة، لكونه لا يتعارض مع السنة التركية.
٢ - إن كان المقتضي غير موجود في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيُنظر فيه هل السبب لفعله ذنوب العباد وتقصيرهم؟، فمثل هذا لا يسوغ ما قد يسميه صاحبه بالمصلحة المرسلة، بل يؤمر الناس بالرجوع إلى دين الله والتمسك به، لأنهم مطالبون