للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الأول: تأصيل بعض الأدلة، كالتوسع في العمومات، وهكذا …

الأمر الثاني: الاختلاف في تنزيل الأدلة على بعض الوقائع، من باب الاختلاف في تحقيق المناط.

وهذان الأمران يختلفان من عالم إلى عالم، فهي لا تدل أن في طريقة التبديع مدرستين، بل هذا اختلاف فردي من عالم إلى عالم في تعامله مع هذه المسائل، وضبطه لها تنظيرًا وتطبيقًا.

وهذا لا يجوّز القول بأن في الدين بدعةً حسنةً شرعًا، بل ما وافق الدين من المحدثات بضوابطه فهو ليس بدعة، بل عبادة شرعية؛ لأنه قد دل عليها الدليل، وإن كان يصح أن يسمى بدعة بالمعنى اللغوي.

لأجل هذا جعل ابن حجر الهيتمي الخلاف لفظيًّا فقال: «وليست بدعةً شرعًا، فإن البدعةَ الشرعية ضلالةٌ، كما قال -صلى الله عليه وسلم-، ومَن قسمها من العلماء إلى حسن وغير حسن فإنما قسَّم البدعة اللغوية، ومن قال: كل بدعة ضلالةٌ، فمعناه البدعة الشرعية، ألا ترى أن الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان أنكروا غير (١) الصلوات الخمس، كالعيدين، وإن لم يكن فيه نهي، وكرهوا استلام الركنين الشاميين، والصلاة عقيب السعي بين الصفا والمروة قياسًا على الطواف، وكذا ما تركه -صلى الله عليه وسلم- مع قيام المقتضي، فيكون تركُه سنَّةً وفعلُه بدعةً مذمومة، وخرج بقولنا: (مع قيام المقتضى في حياته) تركُه إخراجَ اليهود من جزيرة العرب، وجمع المصحف، وما تركَه لوجود المانع، كالاجتماع للتراويح، فإن المقتضي التامَّ يدخل فيه المانع» (٢).


(١) لعل فيه سقطًا وصوابه: أنكروا الأذان لغير الصلوات الخمس.
(٢) الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: ٢٠٠).

<<  <   >  >>