العبادة لا تخرُجُ عن أن تكون واجبةً ومستحبةً فعلًا،
أو محرمةً ومكروهةً تركًا
وهذا بدهي لمن تدبر معنى العبادة شرعًا، لأن العبادة فعل ما يحبُّ اللهُ فعْلَه، وتركُ ما يحبُّ اللهُ تركَه، وهذا لا يكون من جهة الفعل إلا واجبًا أو مستحبًّا، ومن جهة الترك إلَّا محرَّمًا أو مكروهًا، ومع أن هذا الأمر واضح من جهة المعنى فإن العلماء أيضًا قرروه وأجمعوا عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«يقتضي أن السفر إليه - أي إلى قبر رسول الله - ليس بمستحب وليس هو واجبًا بالاتفاق، فلا يكون قربةً وطاعة، فإنَّ القربة والطاعة إمَّا واجبٌ وإمَّا مستحبٌّ، وما ليس بواجب ولا مستحبٍّ فليس قربةً ولا طاعةً بالإجماع»(١).
وقال: «إذ كان المسلمون متفقين على أنه لا يجوز لأحد أن يعتقد أو يقول عن عمل: إنَّه قربةٌ وطاعة وبرٌّ، وطريق إلى الله؛ واجبٌ أو مستحبٌّ، إلا أن يكون مما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك يُعْلَم بالأدلَّة المنصوبة على ذلك، وما عُلم باتِّفاق الأمَّة أنه ليس بواجبٍ ولا مستحب ولا قربةٍ؛ لم يجز أن يُعتقد أو يُقالَ: إنه قربةٌ وطاعة، فكذلك هم متفقون على أنه لا يجوز قصدُ التقرب به إلى