للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدمة الثانية

لا يوصف شيء محدث بأنه بدعة شرعًا إلا إذا عدّه عبادة

من أعظم ضوابط البدعة أنها لا تكون إلا فيما يُتعبَّد ويُتديَّن به، والأدلة على هذا كثيرةٌ من الكتاب والسنة الصحيحة، ومنها هذان الدليلان:

الدليل الأول: قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}] الشورى: ٢١ [وجه الدلالة أنهم جمعوا بين التشريع (الإحداث)، والزعم أنه من الدِّين المقرِّب لله، فصارت شاملةً للبدع. وبهذه الآية استدل العلماء المحققون على حرمة البدع كما سيأتي - إن شاء الله - من كلام ابن جرير وابن تيمية وابن رجب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. والعادات؛ الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}] يونس: ٥٩ [» (١).

الدليل الثاني: عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌ» متفق عليه (٢).


(١) القواعد النورانية (ص: ١٦٤).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>