للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما استدلالهم الثالث بقول عمر: «نعمت البدعة هذه» فلا يصح لسببين:

السبب الأول: أنه ليس من جملة البدع، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فعل القيام جماعة في رمضان ثم تركه لمانعٍ، وهذا المانع زال بموته، فصار فعله سنةً شرعيةً، فقد أخرج الشيخان (١) عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: «أما بعد، فإنه لم يخْفَ علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفترض عليكم، فتعجزوا عنها»، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك.

فإذن يُحمل قول عمر بن الخطاب على المعنى اللغوي لا الشرعي، لأن هذا الفعل ليس بدعةً شرعيَّةً، بل سنَّةٌ نبويَّةٌ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فأما صلاة التراويح، فليست بدعة في الشريعة، بل سنة بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفعله، فإنه قال: «إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه» (٢)، ولا صلاتها جماعة بدعة، بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين، بل ثلاثًا، وصلاها أيضًا في العشر الأواخر في جماعة مرات، وقال: «إن الرجل


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٠١٢)، ومسلم رقم (٧٦١).
(٢) أخرجه النسائي رقم (٢٢١٠)، مسند أحمد (٣/ ١٩٨).

<<  <   >  >>