للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» (١)، كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن، وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد، وفي قوله هذا ترغيب لقيام شهر رمضان خلف الإمام، وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعاتٍ في المسجد على عهده -صلى الله عليه وسلم- ويقرهم، وإقراره سنة منه -صلى الله عليه وسلم-.

وأما قول عمر: «نعمت البدعة هذه» فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكمًا بقول عمر الذي لم يخالَفْ فيه؛ لقالوا: قول الصاحب ليس بحجة، فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة، فلا يعتقده إذا خالف الحديث.

فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب. نعم، يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف، على إحدى الروايتين، فيفيدهم هذا حسن تلك البدعة، أما غيرها فلا.

ثم نقول: أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك: بدعة، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية، لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فُعل ابتداء من غير مثال سابق.

وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقًا، ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة، الذي أخرجه أبو بكر -رضي الله عنه-، فإذا عمل


(١) أخرجه أبو داود (١٣٧٥)، والترمذي (٨٠٦)، والنسائي (١٣٦٤)، وابن ماجه (١٣٢٧)، وأحمد (٣٥/ ٣٣١).

<<  <   >  >>