للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذكره الهيتمي صحيح؛ فإنه لا ثمرة عملية للخلاف في تقسيم البدعة إلى ضلالة وحسنة، أو القول بأن كلها ضلالة، لكن القول بأن الخلاف لفظيٌّ فيه نظر؛ لأن معناه أنَّ القول بأنه يوجد في الدين بدعة حسنة؛ صحيحٌ، وهذا خطأ؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أن البدع كلَّها ضلالة، ولكن الفائدة الكبيرة من بيان أن الخلاف لا ثمرة له هو أنه لا يصح لأحد أن يشرع بدعًا بحجة أن في الدين بدعة حسنة كما يفعله كثير.

وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين: «وما ادعاه بعض العلماء من أن هناك بدعة حسنة فلا تخلو من حالين:

١ - أن لا تكون بدعة، لكن يظنها بدعة.

٢ - أن تكون بدعة فهي سيئة، لكن لا يعلم عن سوئها.

فكل ما ادُّعي أنه بدعة حسنة فالجواب عنه بهذا» (١).

فبهذا يكون الاستدلال بهذا الحديث استدلالًا بمورد النزاع، لا سيما وكل العلماء متفقون على أن الأصل في العبادات المنع والحظر، وانه لا ينتقل عن هذا إلا بدليل على ما سيأتي بيانه - إن شاء الله -.

السبب الثالث: الحكم على بدعة بالحُسْن إن كان عقليًّا، فهذا مردود؛ لأن الشرع كامل، وعقول الناس تتفاوت، كما قال عبد الله بن مسعود للذين يذكرون الله حلقًا: «وكم من مريد للخير لن يصيبه» (٢).


(١) الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع (ص: ١٣).
(٢) أخرجه الدارمي رقم (٢١٠).

<<  <   >  >>