للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رد استدلاله بزيادة الصحابي «حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه»

الشبهة الثامنة

قال الكاتب: «السابع زيادة رجل من الصحابة -رضي الله عنهم- ذكرًا بعد رفعه من الركوع خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذكر هو «ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه»، فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من المتكلم آنفًا؟ قال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقد رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها» (١) فهذا ذكر زاده صحابي في الصلاة بدون سنة توقيفية من عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه لما كان ذكرًا يسيرًا يناسب واقعة الحال من حمد الله -عز وجل- على إدراك الركعة أقره -صلى الله عليه وسلم- عليه» (٢).

وكشف هذه الشبهة من أوجه أربعة:

الوجه الأول: أنه ليس في هذا الحديث أن الصحابي كان متقصدًا هذا اللفظ من الدعاء لذاته، فهو إذن من العبادات والأدعية المطلقة، والقول بأنه يتقصده لذاته في كل صلاة يلزم عليه الإثبات، ففرق بين الدعاء بلا تقصد لذاته، الذي يداخل في جملة الدعاء الذي أمرنا به، وبين أن يتقصد دعاء معينًا لذاته، فلما كان فعله محتملًا لم يصح حمله على الاحتمال الذي يعارض الأدلة والآثار والإجماع.

الوجه الثاني: أن العلماء يتناقلون الحديث شرحًا وبيانًا، ولم يفهم أحد منهم أن هذا دليل على أن العبادات غير توقيفية؛ فهل يعقل أن يجهل العلماء دلالة


(١) أخرجه البخاري رقم (٧٩٩)، ومسلم رقم (٦٠٠).
(٢) (ص ١٢٩).

<<  <   >  >>