رد استدلاله بما زعم أن الصحابة أحدثوه بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
الشبهة الثانية عشرة
عقد الكاتب فصلًا بعنوان: هدي الصحابة -رضي الله عنهم- في المحدثات بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- (١).
وكشف هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول: أنه بهذا العنوان لهذا الفصل يقرر أن كل ما تعبد به الصحابي مما لم ينقل لنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مما أحدثه، وهذا خطأ بين، فإن هذا ليس لازمًا، بل قد يكون مما أخذه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم ينسبه إليه لما عرف من ورعه في النسبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو يكون أخذ ممن أخذ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن القيم: «فيجوز أن يكون سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- شِفاهًا، أو من صحابي آخر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به، فلم يرو كل منهم كل ما سمع، وأين ما سمعه الصديق -رضي الله عنه- والفاروق وغيرهما من كبار الصحابة -رضي الله عنهم- إلى ما رووه؟ فلم يرو عنه صديق الأمة مائة حديث، وهو لم يغب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في شيء من مشاهده، بل صحبه من حين بعث بل قبل البعث إلى أن توفي، وكان أعلم الأمة به -صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله وهديه وسيرته، وكذلك أجلة الصحابة روايتهم قليلة جدًّا بالنسبة إلى ما سمعوه من نبيهم، وشاهدوه، ولو رووا كل ما سمعوه وشاهدوه لزاد على رواية أبي هريرة أضعافًا مضاعفة، فإنه إنما صحبه نحو أربع سنين، وقد روى عنه الكثير، فقول القائل: