للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد صار من سنة خلفائه الراشدين، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي» (١).

وأما استدلالهم الخامس بمفهوم المخالفة في حديث «ما ليس منه فهو رد» فلا يصح؛ لأن المنطوقات الكثيرة وإجماع السلف على حرمة البدع وذمها مقدمة على هذا المفهوم لو قدر التعارض وعدم إمكان الجمع.

والأولى أن يحمل هذا المفهوم على أنه من المصالح المرسلة المعتبرة التي لم تُفعل إلا بعد عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كجمع القرآن وهكذا …

فهي من العبادات التي لم يفعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لوجود مانعٍ، وهذا مثل ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الاستمرار في قيام رمضان جماعةً في المسجد، وهذا كله لأجل أن لا يتعارض مفهوم هذا الحديث مع السنة التَّركية، فإن السنة التَّركيةَ دليلٌ شرعيٌّ معتبر - كما سيأتي إن شاء الله -.

تنبيه: خالف بعض المتأخرين الإجماع على حرمة البدع، فذكروا أن من البدع ما هو مكروه وليس محرَّمًا، وقد تقدم ذكر الأدلة على أنها كلَّها محرمة، وعلى هذا أيضًا إجماع أهل العلم، وللشاطبي تحقيق بديع في أن البدع كلها محرمة، بل إنها كبائر، ووجه قول من قال من السلف: إنها مكروهة، فقال: «وحاصل ما ذكر هنا أن كل مبتدع آثم، ولو فرض عاملًا بالبدعة المكروهة، إن ثبت فيها كراهة التنزيه» (٢).


(١) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٢٩).
(٢) الاعتصام (١/ ٢٥١).

<<  <   >  >>