للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبهذا يعلم قطعًا أن ما توهمه الكاتب على الصحابة من أنهم لا يرون العبادات توقيفية على الإطلاق؛ توهم خطأ، والواجب عليه رد هذا المتشابه للمُحْكَم من أقوال الصحابة، ورده للأدلة الكثيرة، بل ورده للإجماع على أن الأصل في العبادات التوقيف مطلقًا، لأن العلماء لما قرروا هذا الأصل، وحكوا الإجماع عليه، لم يقيدوه، بل أطلقوه، وقد ذمّ الله من عمد إلى المتشابه وترك المحكم، قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}] آل عمران: ٧ [.

وهذا في ظني كافٍ لمن بصره الله ونور قلبه وأراد به الخير، إذ .. هل يمكن أن يقبل أحد من غيره قولًا شرعيًّا انفرد به عن الأمة وخالفها، ولم يوافقه عليه أحد من العلماء، كعلماء المذاهب الأربعة وغيرهم من علماء السلف؟!

رد استدلاله بوضوء بلال لكل صلاة

الشبهة الثالثة

بدأ بذكر أمثلة عن الصحابة تدل - بزعمه - على أن العبادات ليست توقيفية على الإطلاق، فقال: «الأول: التزام بلال بن رباح -رضي الله عنه- للطهارة بعد كل حدث، وصلاته ركعتين بعد كل طهارة، وبعد كل أذان، فكانت هذه من أرجى أعماله الصالحة عند الله، وهذا الالتزام مما اجتهد فيه بلال -رضي الله عنه- من تلقاء نفسه، ولم يكن عنده سنة توقيفية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونص الحديث (١)


(١) أخرجه الترمذي رقم (٣٦٨٩)، وأحمد (٣٨/ ١٤٨) من حديث بريدة.

<<  <   >  >>