للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: هو إقدام الصحابة -رضي الله عنهم- على فعل تلك الأمور المحدثة قبل أن يبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- مشروعيتها، مع تمكنهم من ذلك بكل يسر وسهولة، الأمر الذي يعني أنهم لم يكونوا يشعرون بالحرج في فعل ذلك، ولم يكونوا يرونها من البدع المذمومة، وإلا لأحجموا عنها.

الثاني: هو إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على ما فعلوه وأحدثوه من الأمور الدينية، وعدم إنكاره -صلى الله عليه وسلم- عليهم، الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للشيء لا يقتضي تحريمه، وإلا لكان كل ما فعله الصحابة -رضي الله عنهم- من الأمور محرمًا، لعدم فعله -صلى الله عليه وسلم- له.

إن هذه الأدلة توضح أن قضية تعميم منع العبادات إلا بتوقيف تنقصها بعض الدقة» (١).

وبناء على زعمه بوجود الإحداث عند الصحابة جعله دليلًا على جواز الإحداث في الدين، وأنه لا يصح أن يقال: إن الأصل في العبادات التوقيف على الإطلاق.

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

أولًا: أن كلام الصحابة كثير في الأمر بالاتباع وترك الابتداع، مما يدل على أن العبادات توقيفية على الإطلاق، وتقدم ذكر قول بعضهم كقول ابن مسعود: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم» (٢)، وقال ابن عمر: «وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة» (١).


(١) (ص ١٥٣).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>