للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العلامة الألباني: «وعلى افتراض صلاحية الاحتجاج به، فإنه لا يعارض تلك النصوص، لأمور:

الأول: أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق، ويؤيده استدلال ابن مسعود به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفة، وعليه فاللام في «المسلمون» ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد … » (١).

وأما استدلالهم الثاني بحديث «من سن في الإسلام سنة حسنة» فلا يصح الاستدلال به لأسباب ثلاثة:

السبب الأول: أن الأدلة يفسر بعضها بعضًا، فلما جاءت الأدلة الكثيرة في ذم البدع، فيحمل معنى السنة الحسنة على غير البدع.

قال الشاطبي: «فإن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من سن سنة حسنة … » ليس المراد به الاختراع ألبتة، وإلا لزم من ذلك التعارض بين الأدلة القطعية، إن زعم مُورد السؤال أن ما ذكره من الدليل مقطوعٌ به، فإن زعم أنه مظنون؛ فما تقدم من الدليل على ذم البدع مقطوعٌ به، فيلزم منه التعارض بين القطعي والظني، والاتفاق من المحققين أن لا تعارض بينهما لسقوط الظني وعدم اعتباره، فلم يبق إلا أن يقال: إنه من قبيل العام والخاص، ولا تعارض بينهما عند المحققين على التنزل بفقد التعارض، فليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع، وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية، وذلك من وجهين:

أحدهما: أن السبب الذي لأجله جاء الحديث هو الصدقة المشروعة، بدليل ما في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كنا عند رسول الله


(١) سلسلة الأحاديث الضعيفة (٢/ ١٨).

<<  <   >  >>