للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الاحتمال الأول يكون هذا المثال للحال الأولى، وعلى الاحتمال الثاني يكون لهذه الحال، وهذا ظاهر صنيع البخاري لأنه وضعه تحت باب (من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة).

الحال السادسة: عبادات جاء بها الشرع بألفاظ عامة ومجملة، وذلك مثل فعل أبي ذر (١)، فقد أكثر الصلاة لأن الشريعة جاءت بكثرة الصلاة والسجود بأدلة عامة ومجملة، وهو فعلها على وجه العموم، ولم يخصصها.

رد إلزامه بأن الترك يقتضي التحريم

الشبهة الخامسة عشرة

قال الكاتب: «فنجد أن المضيقين لمعنى البدعة يحتجون دائمًا على بدعية أي محدثة بأن المحدثة - قيد البحث - لم يفعلها السلف الصالح، ولو كانت خيرًا لسبقونا إليه، فلما تركوها ولم يفعلوها - مع قيام مقتضاها وانتفاء موانعها - دل ذلك على حرمتها، أي إنهم يحتجون لتحريم المحدثات بترك النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضي الله عنهم- لها، ومن ثم فهم يعتقدون أن الترك يقتضي التحريم» (٢).

وكشف هذه الشبهة أن يقال:

إن هذا جهل أو بغي، فقد جعل ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للعبادة مع وجود المقتضي وانتفاء المانع كالقول بأن (الترك يقتضي التحريم)، وهما لا يستويان؛ لأن قوله: «الترك يقتضي التحريم»، عام للترك الديني والدنيوي، ولما تتوافر الدواعي لنقله، وما لا تتوافر لنقله، ولما يوجد له مانع، وما لا يوجد له مانع.


(١) (ص ١٤٤).
(٢) (ص ١٠٩).

<<  <   >  >>