للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البَرْبهاريُّ: «وإذا رأيتَ الرجل من أهل السنَّة رديء الطَّريقِ والمذهب، فاسقًا فاجرًا صاحبَ معاصٍ، ضالًّا وهو على السنة؛ فاصحَبْه، واجلس معه، فإنَّه ليس يضرُّك معصيتُه، وإذا رأيتَ الرجل مجتهدًا في العبادة متقشفًا محترقًا بالعبادة صاحبَ هوى، فلا تجالسْه، ولا تقعد معه، ولا تسمع كلامه، ولا تمشِ معه في طريق، فإنِّي لا آمنُ أن تستحليَ طريقته؛ فتهلكَ معه.

ورأى يونس بن عبيد ابنه وقد خرج من عند صاحب هوى فقال: «يا بنيَّ من أين جئتَ؟ قال: من عند فلان، قال: يا بنيّ! لأن أراك خرجت من بيت خنثى، أحبُّ إلي من أن أراك تخرج من بيت فلان وفلان، ولأن تلقى الله يا بنيّ زانيًا فاسقًا سارقًا خائنًا، أحبُّ إلي من أن تلقاه بقولِ فلان وفلان».

ألا ترى أنَّ يونسَ بن عبيد قد علم أن الخنثى (١) لا يضل ابنه عن دينه، وأنَّ صاحب البدعة يضلُّه حتى يكفر؟!» (٢).

قال ابن القيم: «بل ما أكثر من يتعبد الله بِما حرَّمه الله عليه، ويعتقد أنه طاعةٌ وقربةٌ، وحاله في ذلك شرٌّ من حال من يعتقد ذلك معصيةً وإثمًا، كأصحاب السماع الشعري الذي يتقربون به إلى الله تعالى، ويظنون أنَّهم من أولياء الرَّحمن، وهم في الحقيقة من أولياء الشيطان» (٣).


(١) في لسان العرب (٢/ ١٤٥): «الخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعا».
(٢) شرح السنة رقم (١٣٩).
وهذه الكلمات من السلف ليست تهوينًا للمعاصي الشهوانية، وإنما لبيان عظيمِ جُرْم البدع، وأنها أشد إثمًا من المعاصي الشهوانية التي يستنكرها عامة الناس أكثرَ من البدع.
(٣) إغاثة اللهفان (٢/ ١٨١).

<<  <   >  >>