للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين: «وهناك جواب لا بأس به: أن معنى «من سن» من أحيا سنة كانت موجودة فعدمت فأحياها، وعلى هذا فيكون «السَّنُّ» إضافيًّا نسبيًّا، كما تكون البدعة إضافيَّةً نسبيَّة لمن أحيا سنَّة بعد أن تُرِكت» (١).

وقال أيضًا: «جواب ثالث يدل له سبب الحديث، وهو قصة النفر الذين وفدوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا في حالة شديدة من الضيق، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى التبرع لهم، فجاء رجل من الأنصار بيده صرة من فضة كادت تثقل يده، فوضعها بين يدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- فجعل وجه النبي عليه الصلاة والسلام يتهلل من الفرح والسرور، وقال: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة»، فهنا يكون معنى «السَّنِّ» سنَّ العمل تنفيذًا، وليس سنَّ العملِ تشريعًا، فصار معنى «من سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً»: مَنْ عمل بها تنفيذًا، لا تشريعًا؛ لأن التشريع ممنوع «كل بدعة ضلالة»» (٢).

السبب الثاني: أن الحديث استدلال بمورد النزاع، فكل العلماء - سواء كانوا ممن يقسمون البدع إلى حسنة وسيئة، أو ممن لا يقسمونها - لا يُدخلون في قوله: «سنة حسنة» ما يرون أن أدلة الشرع تمنعه وتحكم بعدم حسنه، إلا أن المقسمين يصفون هذا بالبدعة السيئة، وغير المقسمين يصفونه بالبدعة، وعلى أصلهم لا يوجد في الدين بدعة حسنة، بل كلها ضلالة، ثم الذي رأيت من العلماء، سواء المقسمين للبدعة خمسة أقسام، أو غير المقسمين؛ أنهم لا ينازعون في تشريع بعض العبادات المستحدثة بضوابطها الشرعية، كما سيتكرر بيان هذا - إن شاء الله -، لكن قد يختلفون في أمرين:


(١) الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع (ص: ٢٠).
(٢) المرجع السابق (ص: ٢١).

<<  <   >  >>