بذلك، وغيرهم مطالب بدعوتهم لذلك، وهذا مثل تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين ليسمع الناس الخطبة، فمثل هذا من البدع المحدثة.
قال الإمام ابن تيمية: «والضابط في هذا - والله أعلم - أن يُقال: إن الناس لا يحدثون شيئًا إلا لأنهم يرونه مصلحةً، إذ لو اعتقدوه مفسدةً لم يُحدثوه، فإنه لا يدعو إليه عقلٌ ولا دينٌ، فما رآه الناس مصلحةً نظر في السبب المحوج إليه، فإن كان السبب المحوج أمرًا حدث بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير تفريط منا، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه، وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائمًا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعارضٍ زال بموته.
وأما ما لم يحدث سببٌ يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد، فهنا لا يجوز الإحداث، فكل أمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موجودًا لو كان مصلحةً ولم يُفعل، يُعلم أنه ليس بمصلحةٍ، وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخلق، فقد يكون مصلحة.
ثم هنا للفقهاء طريقان:
أحدهما: أن ذلك يفعل ما لم يُنه عنه، وهذا قول القائلين بالمصالح المرسلة.
والثاني: أن ذلك لا يُفعل إن لم يُؤمر به، وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة، وهؤلاء ضربان:
منهم من لا يثبت الحكم، إن لم يدخل في لفظ كلام الشارع، أو فعله، أو إقراره، وهم نُفاة القياس. ومنهم من يثبته بلفظ الشارع أو بمعناه، وهم القياسيون، فأما ما كان المقتضي لفعله موجودًا لو كان مصلحةً، وهو مع هذا لم يشرعه، فوضعه تغييرٌ لدين الله، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدِّين، من الملوك