للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلماء والعباد، أو من زلَّ منهم باجتهاد، كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وغير واحدٍ من الصحابة: «إن أخوف ما أخاف عليكم زلَّة عالم، وجدال منافقٍ بالقرآن، وأئمةٌ مضلُّون» (١)، فمثال هذا القسم الأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء، أنكره المسلمون لأنه بدعةٌ، فلو لم يكن (كونُه بدعةً) دليلًا على كراهيته، وإلا لقيل هذا ذكرٌ لله ودعاءٌ للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات، كقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: ٤١] وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: ٣٣]. - ثم قال: -

ومثال ما حدثت الحاجة إليه من البدع بتفريطٍ من الناس تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين، فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعةٌ، واعتذر من أحدثه بأن الناس قد صاروا ينفضُّون قبل سماع الخطبة، وكانوا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينفضُّون حتى يسمعوا أو أكثرهم، فيُقال له: سببُ هذا تفريطك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطبهم خطبةً يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم، وأنت قصدك إقامة رياستك، وإن قصدت صلاح دينهم، فلا (٢) تعلمهم ما ينفعهم، فهذه المعصية منك لا تُبيح لك إحداث معصيةٍ أخرى، بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله وتتبع سنة نبيه، وقد استقام الأمر وإن لم يستقم فلا يسألك الله إلا عن عملك، لا عن عملهم، وهذان المعنيان مَنْ فهمهما انحلَّ عنه كثيرٌ من شبهِ البدع الحادثة» (٣).


(١) أخرجه الدارمي رقم (٦٧٥).
(٢) يعني: فلست تعلّمهم ما ينفعهم.
(٣) الاقتضاء (٢/ ١٠٠).

<<  <   >  >>