للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: «لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا لم يفعله ولم يشرَعه كان تركه هو السنة. - ثم قال: -

فلذلك كان الصحيح أنه لا يُسنّ الغُسل للمبيت بمزدلفة، ولا لرمي الجمار، ولا للطواف، ولا للكسوف، ولا للاستسقاء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يغتسلوا لذلك مع فعلهم لهذه العبادات» (١).

قال العيني: «وكذا قال الأكمل: أن الترك مع حرصه -عليه السلام- على إحراز فضيلة النفل دليل الكراهة» (٢).

قال الشاطبي: «ثم إطلاقه القولَ بأن الترك لا يوجب حكمًا في المتروك إلا جواز الترك، غير جار على أصول الشرع الثابتة، فلنقرر هنا أصلًا لهذه المسألة لعل الله ينفع به من أنصف من نفسه ..

وذلك أن سكوت الشارع عن الحكم في مسألة ما، أو تركه لأمر ما؛ على ضربين:

أحدهما: أن يسكت عنه أو يتركه، لأنه لا داعية له تقتضيه، ولا موجب يقرر لأجله، ولا وقع سبب تقريره؛ كالنوازل الحادثة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تبين في الكليات التي كمل بها الدين.


(١) زاد المعاد (١/ ٤١٨).
(٢) البناية شرح الهداية (٢/ ٧١).

<<  <   >  >>