للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: «ولأن التلفظ بذلك لم يُنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه، ولا عن أحدٍ من التابعين لهم بإحسانٍ، ومعلومٌ أن ذلك لو كان مستحبًّا لفعلوه وعلَّموه وأمروا به، ولو كان ذلك لنُقل كما نُقل سائر الأذكار، وإذا لم يكن كذلك كان من محدثات الأمور … » (١).

وقال: «بل يُقال ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع وجود ما يعتقد مقتضيًا، وزوال المانع سنةٌ كما أن فعله سنةٌ، فلما أمر بالأذان في الجمعة وصلى العيدين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ، كان ترك الأذان فيهما سنةً، فليس لأحدٍ أن يزيد في ذلك.

- ثم قال: - ومع هذا لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا الترك سنةٌ خاصةٌ، مقدمةٌ على كل عمومٍ وكل قياس» (٢).

وقال: «لأن ذلك الفضل إن لم يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه ولا التابعون، ولا سائر الأئمة، امتنع أن نعلم نحن من الدِّين الذي يقرِّب إلى الله ما لم يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعون وسائر الأئمة، وإن علموه امتنع مع توفُّر دواعيهم على العمل الصالح وتعليم الخَلق والنصيحة لهم ألَّا يعلموا أحدًا بهذا الفضل ولا يسارع إليه واحدٌ منهم، فإذا كان هذا الفضل المدَّعى مستلزمًا لعدم علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخير القرون لبعض دين الله، ولكتمانهم وتركهم ما تقضي شريعتهم وعاداتهم ألا يكتموه ولا يتركوه، وكل واحدٍ من اللازمَين منتفٍ إما بالشرع وإما بالعادة مع الشرع؛ علم انتفاء الملزوم وهو الفضل المدَّعَى» (٣).


(١) شرح العمدة قسم الصلاة (ص ٥٩١).
(٢) الاقتضاء (٢/ ١٠٣).
(٣) المرجع السابق (٢/ ١١٤).

<<  <   >  >>