للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَتِهِ أَجْمَعِينَ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ آمِينَ وَهَذَا نَقْلٌ مِنْ بَابِ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحَاتِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّهُ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لِمَنْ قَرَأَ عِشْرِينَ آيَةً مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، وَسُلْطَانٍ ظَالِمٍ وَلِصٍّ عَادٍ، وَسَبْعٍ ضَارٍّ، أَنْ لَا يَضُرَّهُ وَهِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَعَشْرُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الصَّافَّاتِ صَفًّا، وَثَلَاثٌ مِنْ سُورَةِ الرَّحْمَنِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الرحمن: ٣٣] إِلَى قَوْلِهِ: {فَلا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥] .

وَثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ} [الحشر: ٢٣] .

إِلَى آخِرِهَا.

هَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٥] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {٥٤} ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {٥٥} وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٤-٥٦] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا {١} فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا {٢} فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا {٣} إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ {٤} رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ {٥} إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ {٦} وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ {٧} لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ {٨} دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ {٩} إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ آية ١-١٠} .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ {٣٣} فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {٣٤} يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٣-٣٥] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ {٢٣} هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: ٢٣-٢٤] .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: كَانَ يَهُودِيٌّ بِالشَّامِ قَرَأَ التَّوْرَاةَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَنَشَرَهَا فَنَظَرَ فِيهَا فَوَجَدَ نَعْتَ الرَّسُولِ وَصِفَتَهُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فَقَطَعَهَا وَحَرَقَهَا، ثُمَّ فِي السَّبْتِ الثَّانِي وَجَدَهُمَا فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ فَقَطَّعَهَا وَأَحْرَقَهَا، وَفِي السَّبْتِ الثَّالِثِ وَجَدَهُمَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا، فَتَفَكَّرَ وَقَالَ: إِنْ قَطَعْتُهَا صَارَتِ التَّوْرَاةُ كُلُّهَا نَعْتًا لَهُ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ مَنْ مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: كَذَّابٌ خَيْرٌ لَكَ أَنْ لَا تَرَاهُ وَلَا يَرَاكَ فَقَالَ: بِحَقِّ تَوْرَاةِ مُوسَى لَا تَمْنَعُونِي مِنْ زِيَارَتِهِ، فَأَذِنُوا لَهُ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَسَارَ مَرْحَلَةً بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْبَلَهُ سَلْمَانُ وَكَانَ حَسِنَ الْوَجْهِ فَظَنَّ أَنَّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَبَكَى سَلْمَانُ، وَقَالَ: أَنَا عَبْدُهُ قَالَ: أَيْنَ هُوَ فَتَفَكَّرَ سَلْمَانُ وَقَالَ: إِنْ قُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ رَجَعَ، وَإِنْ قُلْتُ: إِنَّهُ حَيٌّ أَكُونُ كَذَّابًا، فَقَالَ لَهُ: تَعَالَ مَعِي حَتَّى نَدْخُلَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ مَحْزُونُونَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ظَنًّا أَنَّهُ فِيهِمْ، فَهَاجَ الْبُكَاءُ مِنَ الْأَصْحَابِ وَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ لَقَدْ جَدَّدْتَ جِرَاحَتَنَا لَعَلَّكَ غَرِيبٌ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَاتَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ فَصَاحَ وَقَالَ: وَاحُزْنَاهُ وَاضَيَاعَ سَفَرِي يَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَلَيْتَهَا وَلَدَتْنِي، وَلَمْ أَقْرَإِ التَّوْرَاةَ، وَإِذَا قَرَأْتُهَا لَمْ أَجِدْ نَعْتَهُ، وَإِذَا وَجَدْتُهُ لَيْتَنِي رَأَيْتُهُ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ هُنَا يَصِفُ لِي نَعْتَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: عَلِيٌّ.

قَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ اسْمَكَ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَوِيلًا وَلَا قَصِيرًا، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ وَاضِحَ الْجَبِينِ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ إِذَا ضَحِكَ خَرَجَ النُّورُ مِنْ ثَنَايَاهُ، ذَا مَسْرُبَةٍ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ، أَخْمَصَ الْقَدَمَيْنِ عَظِيمَ الْمُشَاشِ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا عَلِيُّ هَكَذَا نَعْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ هَلْ بَقِيَ مِنْهُ ثَوْبٌ أَشُمُّهُ قَالَ: نَعَمِ اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ إِلَى فَاطِمَةَ، وَقُلْ لَهَا: ابْعَثِي إِلَيَّ جُبَّةَ أَبِيكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ سَلْمَانُ إِلَى بَابِ فَاطِمَةَ فَقَالَ: يَا بَابَ فَخْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَا بَابَ زَيْنِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَبْكِيَانِ، فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْيَتَامَى؟ قَالَ: أَنَا سَلْمَانُ، فَأَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ عَلِيٌّ، فَبَكَتْ فَاطِمَةُ فَقَالَتْ: مَنِ الَّذِي يَلْبَسُ جُبَّةَ أَبِي فَقَصَّ عَلَيْهَا الْقِصَّةَ، فَأَخْرَجَتِ الْجُبَّةَ وَقَدْ خَيَّطَتْ مِنْهَا سَبَعَةَ مَوَاضِعَ بِاللِّيفِ فَأَخَذَهَا وَشَمَّهَا ثُمَّ الصَّحَابَةُ، ثُمَّ أَخَذَهَا الْيَهُودِيُّ وَشَمَّهَا فَقَالَ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرَّائِحَةَ ثُمَّ قَامَ إِلَى قَبْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَشْهَدُ يَا رَبُّ أَنَّكَ وَاحِدٌ أَحَدٌ فَرْدٌ صَمَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ رَسُولُكَ وَحَبِيبُكَ وَصَدَّقْتُهُ.

قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ قَبِلْتَ إِسْلَامِي فَاقْبِضْ رُوحِي السَّاعَةَ، فَخَرَّ مَيِّتًا فَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ وَدَفَنَهُ فِي الْبَقِيعِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَةِ الصَّالِحِينَ آمِينَ

<<  <