بَابُ: التَّفَكُّرِ
٩١٨ - قَالَ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ السَّرَّاجُ , حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْدٍ الْبَغْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زُرَارَةَ الْحَلَبِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحَ , قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقُلْنَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِكَ يَا عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ مَا لَكَ لَا تَزُورُنَا؟ فَقَالَ عُبَيْدٌ: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: دَعُونَا مِنْ هَذَا، حَدِّثِينَا بِأَعْجَبِ مَا رَأَيْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كُلُّ أَمْرِهِ عَجِيبٌ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَانِي فِي لَيْلَتِي، فَدَخَلَ مَعِي فِي فِرَاشِي حَتَّى أَلْصَقَ جِلْدَهُ بِجِلْدِي، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَتَعَبَّدَ لِرَبِّي» ، قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَلَأُحِبُّ هَوَاكَ، فَقَامَ إِلَى قِرْبَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَبَكَى، وَهُوَ قَائِمٌ حَتَّى بَلَغَتِ الدُّمُوعُ حِجْرَهُ، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، فَبَكَى حَتَّى رَأَيْتُ الدُّمُوعَ بَلَغَتِ الْأَرْضَ، ثُمَّ أَتَاهُ بِلَالٌ بَعْدَمَا أَذَّنَ الْفَجْرُ، رَآهُ يَبْكِي.
قَالَ: لِمَ تَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «يَا بِلَالُ، أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا، وَمَا لِي لَا أَبْكِي، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ» : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: ١٩٠] ، إِلَى قَوْلِهِ {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٩١] ، ثُمَّ قَالَ: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا»
وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَنْ نَظَرَ فِي النُّجُومِ، وَتَفَكَّرَ فِي عَجَائِبِهَا، وَفِي قُدْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute